هل يوجد وجه شبه بيننا وبين البحر؟ بقلم نرمين نصرت
"كثيرا ما وجدت نفسى أنظر للبحر، وأطيل النظر اليه مرات ومرات ..لم أكن أعلم سر أنجذابى له ..ولكن عندما أمعنت النظر قليلا أكتشفت السر ! ..فهو يشبهنا كثيرا كبشر ..فنراه أحيانا جميلا هادئا يتلألأ أسفل آشعه الشمس الذهبية ..يرحب بنا للجلوس معه والأستمتاع به ، وأحيانا أخرى نراه هائجا ثائرا يخيف حتى السفن الحديدية الضخمة من الأبحار فيه خوفا من بطشه بها !
أليس هذا هو حالنا أيضا ..فتاره نكون فى هدوء وسلام ليس له مثيل مع أنفسنا بل ومع العالم باكمله ..فينعكس ذلك حتى على ملامح وجوهنا ويراه الآخرين فى لمعان عيوننا من قبل أن ننطق بكلمه واحده ،..وتاره أخرى لا تسع الأرض كلها مقدار حزننا أو آلامنا أو حتى أسفنا على كثير من الأشياء ..وربما على الأشخاص ..وكثيرا ما تدفعنا مشاعرنا الهائجة ألى البطش بمن يحاول الأقتراب ألينا ..تماما كما تفعل أمواج البحر الهائج بتلك السفن المسكينه !
كثير منا يعرف جمال البحر ، وروعة منظرة ،وأنتعاش نسيمه ..لكن قليل منا من يعرف جمال قاع البحر ..فهو عالم آخر ..عالم من الجمال والروعة بكل ما فيه من الكائنات ..الأسماك النادرة البديعة ..والشعب المرجانية الجميلة ..التى تشكل مع باقى الكائنات هناك مملكة بديعة محكمة النظام ، مليئة بالغموض والأسرار التى لا يكتشفها ألا من يعيش تلك المغامرة ويغوص بنفسه فى قاع البحر ويرى بعينيه تفاصيل ذلك العالم العجيب ..فيكتشف ما لم يكن يعرفه من قبل ..ويرى ما لم يمكن أن يعرفه وهو مازال على الشط !
كذلك ما يكونوا البشر ..الذى نراه فيهم أو نعرفه عنهم ما هو ألا جزىء صغير من شخصياتهم الحقيقية ..المستترة فى أعماقهم الداخلية ..والتى فيها ذاتهم الحقيقية ..فكل منهم لديه أعماق مليئة بالأحلام والأشواق ، بالآلام والاحزان ، بالآمال والمشاعر العميقة ..فتكون أعماقهم بكل ما تحويه من كنوز عالم آخر.. تماما كقاع البحر ، لا يعرفه أو يكتشفه ألا من يبحث بشغف فى مكنونات هذا العالم العجيب أيضا ..فيسمع دقات قلوبهم الحقيقية..ويرى ذاتهم الأصلية التى تحمل نسمه من الخالق ..وبصمة من صانع هذا الكون العظيم الذى شكلنا على صورته ومثاله !
ألم أقل لكم انه يشبهنا كثيرا "
بقلم نرمين نصرت
